مدن الملح - بادية الظلمات - عبد الرحمان منيف

    لم تتوقف رياح الصحراء عن الهبوب يوما واحدا.كانت تهب قوية مرة ، وهادئة رضية مرة أخرى ، لكنها دائما ، تدفع امامها أشياء جديدة.
    تحميل مدن الملح - بادية الظلمات - لعبد الرحمان منيف
    مدن الملح - بادية الظلمات
    فالرياح التي هبت على السلطان في عين دامة أثناء عودته من الطريفة ، وقد خيم في الناحية الشرقية ، بناء لرغبة العجرمي ، وليكون أيضا بعيدا عن القلعة التي يطل منها خصمه الذي لا ينساه ، عمير ، جعلته ضيق الصدر عصبيا . وإذا كان قد احتمل اليوم الأول ، والليلة الأولى ، فقد طلب ظهر اليوم التالي أن يشد الرحال . قال للعجرمي بمداعبة لا تخلو من غمز :
    عين دامة ، يا أبو مشعل ، ما تحملنا حنا الثلاثة ، أنا وأنت وثالثهم...
    وأشار إلى القلعة وهو يضحك ، وبعد أن هدأ :
    - والقضية الثانية : جانا طارش أن القناصل يريدون يقابلونا بموران ، ولا بد يكون عندهم سالفة ، ويلزم نشوفهم.
    العجرمي الذي حاول إقناع السلطان بفوائد مياه عين دامة ، وتاثيرها المؤكد ، كان حريصا أكثر أن يقتنع ببقائه. قال بانفعال :
    - الأشياء الزينة ، يا أبو منصور ، والمجربة ، مثل ما يريدها الإنسان لنفسه يريدها للي يحبهم!
    - وكل الله ، يا أبو مشعل ، المهم ها الحين ، تشد حيلك ، وترجع لنا معافى وسالم.
    وبعد قليل وبتعريض واضح :
    - وحنا ، الله يسلمك ، يجي دورنا ونلحق عليها!

    ضع تعليق

سياسة الخصوصية | اتصل بنا | copyright 2013 © 2014 مجرة الكتب