تمسك قطعة من الحجر بين أصابعك ، ترفعها ثم تلقيها في
مياه دافقة . قد لا يكون من السهل رؤية ذلك . إذ ستتشكل مويجة على سطح
![]() |
قواعد العشق الأربعون |
ارم حجرا في بحيرة ، ولن يكون تأثيره مرئيا فقط ، بل سيدوم
فترة أطول بكثير . إذ سيعكر الحجر صفو المياه الراكدة ، وسيشكل دائرة في البقعة
التي سقط فيها ، وبلمح البصر ، ستتسع تلك الدائرة ، وتتشكل دائرة إثر دائرة . وسرعان ما تتوسع
المويجات التي أحدثها صوت سقوط الحجر حتى تظهر على سطح الماء الذي يشبه المرآة ،
ولن تتوقف هذه الدائرة وتتلاشى ، إلا عندما تبلغ الدوائر الشاطئ.
إذا ألقيت حجرا في النهر ، فإن النهر سيعتبره مجرد حركة
أخرى من الفوضى في مجراه الصاخب المضطرب . لا شيء غير عادي . لا شيء لا يمكن
السيطرة عليه
أما
إذا سقط الحجر في بحيرة ، فلن تعود البحيرة ذاتها مرة أخرى . طوال أربعين عاما ،
كانت حياة إيلا روبنشتاين مثل مياه راكدة – سلسلة من العادات والاحتياجات
والتفضيلات المتوقعة . ومع أنها كانت حياة رتيبة وعادية من نواح عدة ، فإن إيلا لم
تكن تجدها متعبة ومملة . وخلال العشرين سنة الاخيرة ، كانت كل رغبة تعتريها ، وكل
شخص تصادقه ، وكل قرار تتخذه ، يحدق من خلال منظار زوجها. وكان زوجها ، ديفيد ،
طبيب أسنان ناجحا ، يعمل ساعات طويلة ، فجمع الكثير من المال . وكانت تعرف أن
علاقتهما لم تكن عميقة ، لكنها كانت تقول لنفسها ليس من الضروري أن يحتل الارتباط
العاطفي أولوية في قائمة حياة المتزوجين ، لاسيما بالنسبة لزوجين مضت فترة طويلة
على زواجهما . ففي الزواج أشياء أهم بكثير من العاطفة والعشق ، كالتفاهم والمودة
والرحمة ، وأن أكثر الأشياء الإلهية التي قد يقدم عليها أي زوج ، هو الصفح . أما
الحب فهو ثانوي مقارنة بكل الأشياء . إلا إذا كان المرء يعيش في ثنايا الروايات أو
الأفلام الرومانسية ، حيث يصور الأبطال دائما أشخاصا أضخم من الحياة ، ولا يعدو
حبهم أن يكون سوى أسطورة...
إليف شافاق