قبل هذا الكتاب ، كان العشاق العذريون في تصورنا أنقياء كالملائكة ، معصومين كالقديسين.
في الحب والحب العذري |
نزار قباني
ليس بخاف على أحد أن الفلاسفة والمفكرين درسوا الحب وتأملوا طبيعته منذ أقدم العصور ، وعالجوه من جميع وجوهه وعلى كافة مستوياته ، ابتداء بالحب الجنسي العادي وانتهاء بمستوى الحب الصوفي للذات الإلهية مرورا بمحبة الإنسانية جمعاء ، ومحبة الحقيقة والجمال والمثل العليا وغيرها من الموضوعات التي ربطها الفلاسفة بعاطفة الحب وأدخلوها في صلب فلسفتهم ونظراتهم إلى الكون والحياة. ولكن ما من مفكر كبير تطرق إلى دراسة ظاهرة الحب ظن أن باستطاعته أن يضع تحديدا دقيقا جامعا مانعا يعبر عن ماهيتها مرة واحدة وبصورة نهائية ، فيشمل بذلك جميع تجلياتها وجوانبها . والحق يقال إن من عرف الحب بالتجربة والمعاناة فهو بغنى عن كل التعريفات الفلسفية والتحديدات النظرية لماهيته مهما دقت في عبارتها واتسعت في شمولها.كما أن من حرم هذه النعمة ، بما فيها من مرارة وخيبة ، لن تجديه النظريات المجردة نفعا ولن تزيده الشروح الفلسفية علما بطبيعة الحب . لأن العلم به قائم على التجربة الحية والمعاناة الوجدانية الشخصية المباشرة. وقد قال الإمام ابن حزم القول الفص في هذا الموضوع حين كتب في رسالته المشهورة عن الحب ، "دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف ، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة".
الدكتور صادق جلال العظم